نبذه عن الكتاب
على الرغم من قلَّة الشاهد النحوي في هذه المسألة وعدم انشغال القدماء بالبحث الواسع فيها إلا أنني أردت بحثها ؛ لعدة أسباب ، يمكن إجمالها بالآتي ذكره :
1.تعلُّقِ بعضٍ من المباحث والمسائل على الخلاف والاستشهاد بهذه المسألة ، كما في نقاش علَّة البناء في ظرف الزمان ( الآن ) ، وفي حذف العرب بعضَ الكلمة والاكتفاء بحروفٍ منها ، ومضارعة الفعل المضارع للصفة ، وفي بحث الكلام على الحكاية .
2. ارتباطِ هذا الموضوع في كتب النحو برأي ابن مالك في الضرورة الشعرية ، وأنها ما لا مندوحة للشاعر عنه ، والخلاف مع أبي حيان في تعريفه لها ، ولا يخفى ما لتعريف الضرورة من أهميةٍ بالغةٍ في الدرس النحوي والنقدي سواءً بسواء .
3. ارتباطِ هذه المسألة بمباحث علامات الأسماء الفارقة عن الأفعال والحروف ، ولا جرم أن هذه المباحث وما يتعلق بها من أهم مباحث الدرس النحوي البتة ، كونها الأساس الذي ينبني عليه الفكر الإعرابي .
4. ما ذكره الدكتور عبد المنعم أحمد هريدي من أن لابن مالك رأياً انفرادياً في هذه المسألة خالف فيه النحاة جميعاً .
5. عدمِ جمع شواهد المسألة وتحقيقها ، وهو ما جعل كبار النحاة يجزمون بأن شواهد هذه المسألة لا تتجاوز الشاهد والشاهدين وهو ما جزم البحث بعدم صحته .
6. جرأةِ بعض الكاتبين على النحو العربي والنحاة كما في مقال للمسرحي (فرحان بلبل ) في مجلة الموقف ، فقد قال : (( ولعل أوضح مثل على ذلك مسرحيات (شكسبير) الذي شُغِف به العالمُ والذي روَّج له النقاد الإنكليز لأنه قدَّم شعراً عظيما ً.
ثم انجرف النقاد في العالم وراء هذا الترويج ، فبنوا على زياداته واستطالاته أحكاماً نقدية في بناء الشخصيات المسرحية . فكان مثلهم مثل النحاة العرب الذين قرؤوا بيت الفرزدق الشاعر الكبير:
ما أنت بالحكم ( الترضى ) حكومتُه ولا الأصيلِ ولا ذي الرأي والجدلِ
فأخطأ عامداً لكي يغيظ النحويين في عصره ، وإذا بهم يستنبطون من الخطأ قاعدة نحوية تقول : إن (ألـ) يمكن أن تكون اسماً موصولاً فكأنها ( الذي ) أو ( التي ) . وحجتُهم في ذلك أنه شاعر كبير . واعتمدوا - تقويةً لقاعدتهم السمجة هذه - على بيتٍ لشويعر ٍمخضرم ٍ مجهولٍ يهجو فيه شخصاً فيقول فيه :
يقول الخنا ، وأقبحُ العُجْمِ ناطقاً إلى ربنا صوتُ الحمار اليُجدَّعُ
لتحميل الكتاب
من فضلك اضغط هناـــــــــــــــــــــــــــــ