تعتبر المحميات مناطق أمنة بالنسبة للطيور والحيوانات التي تدخلها أو تعيش فيها وقد استحدثت هذة المحميات بعد أن أساء الانسان الى الطبيعة ودمر جمالها لأسباب عديدة منها شخصية على سبيل المثال تحقيق المكاسب والمنافع المادية ونتيجة لذلك انقرضت أنواع عديدة من الكائنات التي تعيش على سطح الارض ومنها الطائر الذي يسمى أبو منجل الأصلع الشمالي حيث جاءت هذه التسمية من شكل المنقار الذي يشبه المنجل، وعدد كبير من تلك الأنواع تعاني شكلاً من التهديد بالانقراض أما أكثرها تهديداً فهما نوعان: أبو منجل الأبيض الكتفين ويقدر عدد أفراده في العالم بأقل من 250 طائر ويتواجد في عدد من دول جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى أبو منجل الأصلع ويقدر عدد أفراده بحدود 227 طائر ويتواجد في الأسر في المغرب وتركيا وكمجموعة صغيرة مهاجرة تعشش في سوريا.
في شهر نيسان من عام 2002، تأسس فريق وطني صغير مكون من السيدين محمود عبد الله وغازي القيم من أجل مشروع إحياء المراعي وإقامة محميات طبيعية في البادية السورية وبإشراف الخبير الإيطالي جيانلوكا سيرا وبمساعدة أهالي المنطقة تمكن من رصد وتوثيق اكتشاف مستعمرة مكونة من ثلاثة أزواج تحضن البيض وطائر مفرد من نوع أبو منجل الأصلع الشمالي وذلك على جروف الجبل الأبيض على بعد عشرة كيلومترات من بحيرة وادي أبيض شمال مدينة تدمر.
إن مشاهدة هذا الطائر كان أشبه برؤية طائر العنقاء الأسطوري وهو أهم أكتشاف بالطيور في الشرق الأوسط منذ أربعين عاماً، تعتبر المجموعة التي تعشش في البادية السورية هي المجموعة الوحيدة المهاجرة في العالم وذلك بعد أن انقرضت مجموعة أبو منجل التي كانت تعشش في مدينة بيرتشك التركية وذلك في عام 1989، وحيث أن طيور أبو منجل تتوارث المعرفة المتعلقة بمسار الهجرة عبر التعلم من الطيور البالغة فإن هذه المجموعة المكتشفة في سوريا تعتبر فريدة من نوعها وهي الوحيدة التي تعرف المسار التاريخي لخط الهجرة.
أبو منجل الأصلع الشمالي طائر متوسط الحجم يبلغ ارتفاعه 70-80 سم وهو أسود اللون بشكل عام مع صبغات قزحية اللون من الأزرق والأخضر والنحاسي تظهر في ضوء الشمس ورأسه أحمر اللون خال من الريش باستثناء عدة رياش تشكل تاجاً منسدلاً يميزه بشكل مباشر عن طائر أبو منجل الأصلع الجنوبي الذي يستوطن جنوب إفريقيا.
لقد كان هذا الطائر معروفاً لقدماء المصريين إلى جانب قريبه الوثيق الصلة أبو منجل المقدس ذي اللون الأبيض، وقد اكتشفت لطائر أبو منجل الأصلع الشمالي تماثيل في قبور الفراعنة تعود إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد كما جرى تحنيطه وتمثيله كأحد النقوش الهيروغليفية.
وقد اعتبر أبو منجل طائراً مقدساً لدى أهل مدينة بيرتشك مما حافظ على بقاءه فيما بينهم حتى عام 1989 حيث كان يعتبر ظهوره مؤشراً على نهاية الشتاء وهجرة الأرواح وهو فوق كل شيء كان دليل الحجاج في رحلتهم إلى مكة المكرمة..
بالرغم من أن المخاطر التي أدت إلى انقراض الطائر لا زالت قائمة يبدو الخطر الناتج عن الصيد هو الأكثر أهمية بالنظر إلى قلة الأعداد المتبقية منه، ونظراً لهجرة الطائر باتجاه الجنوب مروراً بعدة دول هي سوريا وعلى الأغلب الأردن والسعودية واليمن وأريتريا أو السودان تصبح حماية هذا الطائر مسؤولية تحتاج إلى تنسيق دولي ومن الجدير بالذكر أننا نتحدث عن مجموعة لم يتجاوز عددها في نيسان 2005 عدد أصابع اليد الواحدة وهي آخذة في التناقص كما أشارت إحصائيات السنوات الماضيةلقد أدى إنشاء السدود والتوجه نحو الزراعات المكثفة من خلال الاعتماد على المبيدات الكيميائية إلى تخريب مواطن طائر أبو منجل والإخلال بوسطه الحيوي ومن ثم القضاء عليه نتيجةً لسموم المبيدات التي احتواها غذائه من الحشرات والزواحف الصغيرة.
! لا بد من التذكير بأن أهمية هذه المجموعة ناتجة عن أنها الوحيدة التي تعرف مسار الهجرة التاريخي وهي الوحيدة بين أبناء نوعها التي تقوم بهذه الهجرة التي يتم تعلمها من الكبار إلى الصغار.
في عام 2003 جرت عدة محاولات ولمدة شهر كامل وبالتعاون مع منظمة حياة الطيور للإمساك بأحد الطيور من أجل تثبيت جهاز تتبع لتحديد مسار الطائر أثناء هجرته بواسطة الأقمار الصناعية ولكن فشلت جميع المحاولات، ولم تتكرر هذه المحاولات في عامي 2004 و2005 نتيجةً لتضارب المصالح بين وزارة الزراعة ومنظمة حياة الطيور وجمعيات حماية الطيور في سوريا.
وهكذا لا تزال هناك الكثير من الأسئلة الكبيرة التي تحيط بطائر أبو المنجل المهاجر بحاجة إلى الأجوبة؛ ما هو مسار الهجرة الذي يتبعه؟ ما هي الأسباب الفعلية لتناقص أعداده؟ أين يقيم شتاءً؟
وما يلفت النظر ان وزارة الزراعة قامت في السنوات الماضية ومن خلال مشروع إحياء المراعي وإقامة محميات طبيعية في البادية السورية برصد وتتبع طائر أبو منجل طوال فترة وجوده في البادية السورية بالإضافة إلى تأمين الحراسة الدائمة له ولمجموعة الطيور الموجودة في المنطقة من قبل ثلاثة حراس مقيمين بشكل دائم.
بالإضافة إلى ذلك يقوم المشروع سنوياً بإجراء إرشاد وتوعية للأهالي حول فوائد طائر أبو منجل وأسباب حمايته وتشمل هذه الحملة ما يقارب مائتي أسرة.
وفي 30/5/2004 خصصت وزارة الزراعة في سوريا مساحة ثلاثمائة كيلومتر مربع من أراضي أملاك الدولة غير المحددة والمحررة في بادية تدمر لإقامة محمية طبيعية لتكاثر طائر أبو منجل.
ولكن، هل هذه الإجراءات كافية؟ سوأل يطرح نفسة على كل الذين يهتمون بالبيئة والحفاظ عليها ومنع أنقراض العديد من الاصناف الحية التي اتت عليها ألة الانسان