مدينة رشيد هي إحدى مدن ومراكز محافظة البحيرة، وهي ميناء قديم علي مصب الفرع الغربي للنيل في البحر الأبيض المتوسط، المسمى به. ولا تزال أرجاؤها تزدان بعمائر وبنايات ومساجد عتيقة ، منها مسجد سيدى علىّ المحلى الواقع فى وسط رشيد ، وحوله يمتد سوق المدينة الرئيسى. فهي وبحق تعتبر متحفاً للعمارة الإسلامية، كما أنها المدينة التي وجد بها حجر رشيد الذي تم بفضله حل رموز اللغة المصرية القديمة.
في الواقع؛ عقب فشل الحملة الفرنسية في احتلال مصر وتولى محمد على الحكم في عام 1805، وجهت انجلترا.. بقيادة الجنرال فريزر، أسطولها والذي احتوي علي 25 سفينة تحمل ما يزيد علي 7 آلاف مقاتل حيث نزلت هذه القوة غرب الإسكندرية (العجمي) يوم 17 مارس 1807، وتقدمت القوة المعتدية واستولت علي الإسكندرية يوم 21 مارس بسهولة ويسر بسبب خيانة حاكمها التركي آنذاك "أمين أغا" واستسلام حاميتها، ثم عزم فريزر علي التحرك للاستيلاء علي مصر، حيث أرسل فريزر كبير قواده الجنرال "ويكوب" علي رأس قوة من 2000 من جنوده يوم 29 مارس لاحتلال رشيد.
وفى يوم 31 مارس 1807، تصدي أهالي رشيد بقيادة محافظها "علي بك السلانكي" للحملة الإنجليزية، حيث حشد كل قواته 700 جندي، عازماً علي مقاومة عساكر الانجليز. كما استنفر الشيخ حسن كيريت أهالي المدينة للمقاومة الشعبية، فأمر بإبعاد المراكب المصرية من أمام شاطئ النيل برشيد إلى البر الشرقي المقابل عند الجزيرة الخضراء وبرج مغيزل بمركز مطوبس، بهدف منع الأهالي من ركوبها والفرار من المدينة حتى لا يجد رجال حاميته وسيلة للارتداد أو الاستسلام أو الانسحاب كما فعلت حامية الإسكندرية من قبل.
وتقدم الجيش الانجليز وغاص فى شوارع رشيد الملتوية ودروبها الضيقة ولم يجدوا أي مقاومة، فاعتقدوا أن المدينة ستستسلم حاميتها كما فعلت حامية الإسكندرية، فدخل الإنجليز شوارع المدينة مطمئنين، وأخذوا يستريحون بعد السير في الرمال من الإسكندرية إلى رشيد. وانتشروا في شوارع المدينة والأسواق للعثور علي أماكن يلجئون إليها ويستريحون فيها، وما كادوا يستريحون حتى انطلق نداء الآذان بأمر محافظ المدينة "على السلانكي" من فوق مئذنة مسجد سيدي زغلول مردداً: الله أكبر.. حي علي الجهاد. فانهالت النيران من الأهالي وأفراد حامية رشيد من نوافذ المنازل وأسطحها، فقُتل جنود وضباط من الحملة وهرب من بقي حياً وبلغ عدد قتلي الانجليز170 قتيلاً و250 جريحاً و120 أسيراً لدي حامية رشيد. عاد الانجليز فنصبوا المدافع على تل أبى مندور المجاور للمدينة وتوالى قصفهم الوابلى على المدينة.
يقول الجبرتي: "في يوم الجمعة رابع عشر من محرم سنة 1222 هـ وردت أخبار من ثغر رشيد يذكرون بأن طائفة من الإنجليز وصلت إلى رشيد في صباح يوم الثلاثاء حادي عشرين، ودخلوا إلى البلد وكان أهل البلدة ومن معهم من العساكر منتبهين ومستعدين بالأزقة والعطف وطبقات البيوت، فلما حصلوا بداخل البلدة ضربوا عليهم من كل ناحية فألقوا ما بأيديهم من سلاح وقبضوا عليهم وذبحوا منهم جملة كبيرة وأسروا الباقين وفرت طائفة إلى ناحية أبي قير فقاتلها كاشفها فقتل بعضهم وأخذتهم أسرى وأرسلوا السعاة إلى مصر بالبشارة ". ويقول الرافعي: "إن الفضل الأكبر في هذا النصر يرجع للأهالي ـ وأن الحامية العسكرية بالمدينة كانت قليلة، وأن أهالي رشيد كانوا قد رفضوا مددا من الجنود عرضته عليهم القاهرة وقتها".
الجدير بالذكر؛ أن واقعة رشيد هزيمة شديدة أصابت الإنجليز، فأراد الجنرال فريزر أن يمحو أثر الهزيمة التي حاقت به في تلك الواقعة، واعتزم تجريد جيش آخر يستأنف الزحف على رشيد وعهد بقيادته إلى الجنرال ستوارت. تحرك هذا الجيش من الإسكندرية يوم 3 أبريل زاحفا على رشيد، ولما صار على مقربة منها أنفذ الجنرال ستوارت كتيبة احتلت " الحماد " التي تقع جنوبي رشيد بين النيل وبحيرة إدكو، وكان الغرض من احتلالها تطويق رشيد، ومنع وصول المدد إليها من الجنوب وحماية مشاة الجيش الإنجليزي. واحتل الإنجليز أيضا " أبو مندور " وركبوا عليها المدافع ليضربوا رشيد بالقنابل وعسكر معظم الجيش غربي رشيد وجنوبيها وأخذ يحاصرها 7 أبريل ويضربها بالمدافع.
كان الإنجليز يظنون أن ضرب المدينة بالمدافع يلقي الرعب في نفوس الحامية والأهالي ويضطرهم إلى التسليم، وقد أنذروهم غير مرة بأن يسلموا المدينة، ولكنهم رفضوا وصمموا على الاستبسال في الدفاع عن مدينتهم، بالرغم مما أحدثته القنابل من تخريب البيوت وقتل العدد الكثير من السكان، فإنهم صابروا وصبروا واحتملوا الشدائد بشجاعة، وكانوا يخرجون من المدينة من آن لآخر لمناوشة القوات الإنجليزية، واستمر الضرب والحصار نحو اثني عشر يوما دون أن يفوز الإنجليز بطائل.
وبعد عدد من المناوشات ـ حدثت المعركة الفاصلة ـ في 21 أبريل 1807، وتم هزيمة القوات الانجليزية مرة أخرى في مدينة الحماد، بعد أن سقط مئات القتلى والجرحى منهم. يقول الجبرتي: " وذلك أنه اجتمع الحجم الكبير من أهالي البحيرة وغيرها وأهالي رشيد ومن معهم من المقطوعة والعساكر وأهل دمنهور، وصادف وصول كتخدا بك وإسماعيل كاشف الطوبجي إلى تلك الناحية فكان بين الفريقين مقتلة كبيرة وأسروا من الإنجليز طائفة وقطعوا منهم كثيرا من الرءوس ".
وتجدر الإشارة هنا إلى؛ انتصار أهالي رشيد فهو يثبت أنهم كانوا يملكون من الثقة بالنفس ما يكفي لصد العدوان، ويثبت أن أهالي رشيد قد استفادوا من دروس الحملة الفرنسية حيث لم يفلح الجنود النظاميون في صد قوات الحملة في حين نجح الأهالي في المقاومة، وقد بادر حاكم رشيد بعد الموقعة إلى إيفاد الأسرى الإنجليز إلى القاهرة ومعهم رءوس قتلاهم ليكون ذلك إعلانا للنصر الذي نالته رشيد، ثم ليبعث هذا المنظر في نفوس الجنود والشعب روح الأمل والثقة.
يقول الجبرتي:"فلما كان يوم الأحد 26 محرم سنة 1222 هـ ( أبريل 1807 ) أشيع وصول رءوس القتلى، ومن معهم من الأسرى إلى بولاق، فهرع الناس إلى الذهاب للفرجة، ووصل الكثير منهم إلى ساحل بولاق وركب أيضا كبار العسكر ومعهم طوائف لملاقاتهم فطلعوا بهم إلى البر وصحبتهم جماعة العسكر المتسفرين معهم فأتوا بهم من خارج مصر ودخلوا من باب النصر وشقوا بهم من وسط المدينة وفيهم " نسيال " " ضابط كبير " وآخر كبير في السن وهما راكبان على حمارين والبقية مشاة في وسط العسكر ورءوس القتلى معهم على نبابيت، ولم يزالوا سائرين بهم إلى بركة الأزبكية وضربوا عند وصلوهم شنكا ومواقع وطلعوا بالأحياء مع مسيالهم إلى القلعة وفي يوم الاثنين وصل أيضا جملة من الرءوس والأسرى إلى بولاق فطلبوا بهم على الرسم المذكور".
وفي النهاية؛ أتي محمد علي بقواته بعدما انسحب الإنجليز للإسكندرية، وكان من نتائج بطولات أهالي البحيرة أن أُبرمت معاهدة صلح بين الجنرال ويكوب ومحمد على باشا في 14 سبتمبر، سُميت بمعاهدة دمنهور تم بمقتضياتها جلاء الإنجليز عن مصر مقابل استرداد أسراهم وجرحاهم وتم رحيلهم في 19 سبتمبر 1807.
حملة فريزر أو الحرب الإنجليزية المصرية الأولى هي حرب دارت رحاها بين أعوام (1807-1809) بين قوات محمد علي باشا و القوات البريطانية وكانت تباع للحرب الإنجليزية التركية حينما تعاونت الدولة العثمانية مع بريطانيا كجزء من تداعيات الحروب النابليونية .
في 21 مارس 1807 م، تصدى أهالي رشيد بقيادة محافظها علي بك السلانكي للحملة الإنجليزية بقيادة الجنرال فريزر (حملة فريزر)، وكان قد مضى عامان على تولي محمد علي حكم مصر. وكان الإنجليز قد انتهزوا الصراع بين الوالي محمد علي والمماليك وضعف الجبهة الداخلية، فاتفقوا مع محمد بك الألفي زعيم المماليك على أن يؤيد الحملة البريطانية في مقابل أن تكفل إنجلترا للمماليك الإستيلاء على مقاليد البلاد. لكن الألفي مات قبل وصول هذه الحملة إلى مصر. وكانت الخطة أن يزحف المماليك إلى القاهرة ليحتلوها، والإنجليز يحتلون بأسطولهم موانيء مصر، والبداية كان ثغر رشيد، بعده يزحفون إلى الدلتا ويحتلون القاهرة لإسقاط حكم محمد علي، على أن يعاونهم المماليك عملاؤهم في مصر ولاسيما جبهة الألفي بك. وكان الجنرال فريزر بالإسكندرية قد تلقي تقريرا من قنصل إنجلترا في رشيد عن حالة مصر وما بها من قوات مما جعله يزحف برا إلى رشيد لاحتلالها واتخاذها قاعدة حربية لقواته، وكلف القائد ويكوب بهذه المهمة العسكرية، وكان معه ألف جندي، تحركوا من الإسكندرية إلى رشيد. وكان محافظ إقليم رشيد علي بك السلانكي وقواته 700 جندي، فعزم على مقاومة عساكر الإنجليز. واستنفر الشيخ حسن كيريت الأهالي للمقاومة الشعبية، فأمر بإبعاد المراكب المصرية من أمام شاطيء النيل برشيد إلى البر الشرقي المقابل عند الجزيرة الخضراء وبرج مغيزل بمركز مطوبس، وكان الهدف منع الأهالي من ركوبها والفرار من المدينة حتى لايجد رجال حاميته وسيلة للإرتداد أو الإستسلام أو الإنسحاب كما فعلت حامية الإسكندرية من قبل، وأصبحت الحامية بين الأهالي متوارية بالمنازل داخل مدينة رشيد، والبحر من ورائهم والعدو أمامهم، ولا مناص إلا القتال والمقاومة، وأمرهم بعدم التحرك أو إطلاق النار إلا بعد صدور إشارة متفق عليها، فتقدم الإنجليز ولم يجدوا أي مقاومة، فاعتقدوا أن المدينة ستستسلم كما فعلت حامية الإسكندرية، فدخلوا شوارع المدينة مطمئنين، وأخذوا يستريحون بعد السير في الرمال من الاسكندرية إلى رشيد، وانتشروا في شوارع المدينة والأسواق للعثور على أماكن يلجئون إليها ويستريحون فيها. وماكادوا يستريحون حتى انطلق نداء الآذان بأمر السلانكي من فوق مئذنة سيدي زغلول مرددا: الله أكبر، حي على الجهاد، فانهالت النيران من الأهالي وأفراد حامية رشيد من نوافذ المنازل وأسطحها، فقتل جنود وضباط من الحملة وهرب من بقي حيا وبلغ عدد قتلي الإنجليز 170 قتيلا و 250 جريحا و 120 أسيرا لدي حامية رشيد، وأتي محمد علي بقواته بعدما انسحب الإنجليز للإسكندرية، وفاوض محمد علي الجنرال فريزر على الإنسحاب من مصر التي غادرها مع قواته، وأحبط أهالي رشيد المشروع البريطاني لاحتلال مصر، وأصبح يوم 19 سبتمبر العيد القومي لمحافظة البحيرة.